GuidePedia

0
الحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله القائل: " وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ"، والصلاة والسلام على رسول الله القائل: " احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ ، وَإِذَا سَأَلْتَ فاَسْأَلِ اللَّهَ ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ، رُفِعَتِ الأَقْلامُ ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ".

وبعد
رسالة إلى ولدي"2"، إياك أن تتنازل عن قول الصدق وكلمة الحق

أهمية قول الصدق
إياك بُنيَّ أن تتنازل عن قول الصدق مهما أغراك شياطين الإنس بذلك ومهما أغرتك الدنيا بزخرفها واعلم أن من تمسّك بقول الصدق هداه الله ووفقه وسدد خطاه وكتبه عنده صديقًا وكان من الفائزين برضوان الله وجنانه، واعلم أن من يتمسّك بقول الكذب أو يستسهله رغبة و طمعًا فيما أيدي الناس من جاه أو مال أو سلطان، أو رهبة من أذاهم وحرمانهم، فإن الله سيخذله ولن يوفقه في حياته وسيسقيه من كأس المذلة والمهانة ولن يسلم من لعنات الناس وبغضهم له في الدنيا وكذلك في الآخرة لن ينجو من عذاب الله. ففي الحديث الصحيح قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ صِدِّيقًا، وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ كَذَّابًا».
أما من قال الصدق تارة وقال الكذب تارة أخرى فإن له من السعادة والتوفيق الرباني بقدر ما عنده من صدق، وله من البؤس والتخذيل الرباني بقدر ما عنده من الكذب، ويبقى وزر ما أصابه من حقوق الناس أو أفسده عليهم معلق في عنقه إلى أن يلقى الله ويقتص للناس منه ثم إن شاء عذبه و إن شاء غفر له، فأكل حقوق العباد وظلمهم لا يغفره الله إلا بإعادته لأهله، ثم إن شاء الله عذبه على ذلك وإن شاء غفر له وعفى عنه لأن بكذبه على العباد تجاوز حدود الله كما أنه تجاوز حدودهم، أما المعاصي التي بين العبد وربه فهذه لا قصاص فيها وأمرها أسهل من التي قبلها ويبقى أمرها إلى الله كذلك إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له.

أما كلمة الحق
أما كلمة الحق فاحرص أن تكون من الصادعين بها ولا تخشى في الله أحدًا، واعلم أنه لن يصيبك إلّا ما كتبه عليك كما قال جلا جلاله:" قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ "، ففي هذه الطريق سيواجهك المنتفعون والجبناء والحاسدون، ولن يتركوك تصدع بالحق لأنك بهذا ستكشف زيفهم وكذبهم وتزويرهم لمجريات الأمور التي سلطتهم على رقاب العباد وتسببت بظلمهم والتعدي على حقوقهم.

أفضل الجهاد
اعلم بني أن قيمة الأعمال تُقدّر بفائدتها ونتائجها، ومِن حديث النبي عليه الصلاة والسلام هنا يتبين لنا مدى أهمية بل وضرورة وفائدة كلمة العدل عند السلطان الجائر، حيث يقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ، أَوْ أَمِيرٍ جَائِرٍ» .
كلمة الحق هي السوط الذي يجلد المتسلطين على العباد وهي السيف الذي يقطع رقاب الطغاة والبغاة وهي نصير المستضعفين وأنيس المظلومين، فمن قام بها كان كالنور وسط الظلام ينتفع منه الجميع إلا المفسدون. يجود بنفسه وأمنه وأمانه ولسان حاله يقول: وعجلت إليك ربِّ لترضى . ولذا استحق أن يكون سيد الشهداء بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: "سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ , وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ , فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ , فَقَتَلَهُ" . فهنيئًا لمن استخدمه الله لنصرة المستضعفين وجعله سوطًا مسلطًا يجلد به الظالمين وسيفًا مسلطًا على رقاب الطغاة والمتجبرين.

والله من وراء القصد.. والحمد لله رب العالمين
كتبه/ الباحث في الشؤون الشرعية والسياسية
تيسير محمد تربان
فلسطين . غزة

28-1-2018
صورة ذات صلة

إرسال تعليق

 
Top