GuidePedia

0
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
وبعد:
نبذة مختصرة حول عملي سابقًا في حركة حماس وجناحها العسكري كتائب القسام في الانتفاضة الأولى
توطئة
أكتب مستعينًا بالله هذه الورقات المختصرة موثقًا فيها بعضًا من مسيرتي الجهادية، والتي لم تتوقف بعد و لن تتوقف بإذن الله إلّا بانتهاء أجلي الذي قدّره الله لي، أو بإقامة الخلافة الإسلامية في أرضه وعلو شرعه على كل شرع، سائلًا إياه تعالى أن يثبتني على ذلك وأن يجعله خالصًا مخلصًا لوجهه الكريم.
أكتب مستعينًا بالله وآملًا وراجيًا إياه أن ينتفع بها أبناء الإسلام العظيم في فلسطين وغيرها، راجيًا إياه السداد والتوفيق فإنه ولي ذلك والقادر عليه.

بداية عملي في حماس
      لقد منّ الله عليّ أن جعلني من رواد المساجد منذ نعومة أظفاري وعلى هذا الحال بقيت حتى انطلقت الانتفاضة الأولى "انتفاضة ال87" وكنت حينها شبلًا طموحًا أحب الجهاد وأهله، وأحب أن أشارك في العمل الجهادي بشكل رسمي ضمن الترتيبات الحركية، بقدر استطاعتي وبما يناسب عمري وقدرتي الجسدية، مع أنني كنتُ أنشط في ذلك الحين في كثير من المجالات الميدانية عدا العسكرية وكان نشاطي ضمن العمل الحركي العام والمتنقل كباقي الشباب، وبينما كنتُ أنتظر أن يأتي اليوم الذي أصبح فيه مجاهدًا ضمن الصفوف العسكرية - كتائب القسام- كلفني أحد الإخوة ان أعمل مراسلًا بين المناطق لتوصيل الرسائل الإدارية والميدانية لقيادات المناطق من خلال النقاط الميتة، وكانت حينها لي بعض المهمات والاطلاعات الأخرى ضمن دوائر الحركة.
حينها سعدت جدًا بهذا التكليف لأنني كنت أشعر بوجودي وأهمية دوري الجهادي وكنت حينها في الخامس عشرة من عمري وكان ذلك عام 1990م، ثم تعرضت هذه القيادة لاعتقالات أتت على آخرها، وذلك بعد أن اعترف أحد الأخوة على بعضها ما أدى لاعتقال جميع الدائرة وكان ذلك أواخر عام 1991م، ولكن الإخوة في القيادة لم يعترفوا عليَّ في التحقيق ولا على الأخ المراسل الآخر وهو الأخ ع . ع، وهو الآن من قيادات كتائب القسام.

وباعتقال هذه القيادة توقفت مسيرتي التنظيمية مؤقتًا وتم تشكيل قيادة أخرى لتسد مكان القيادة التي تم اعتقالها، وهكذا أصبحت خارج الحركة في المنطقة لفترة قصيرة ولكن بقيت لي بعض العلاقات مع إخوة في كتائب القسام في منطقة أخرى والتي لم تكن مرتبطة بعملي في القيادة التي تم اعتقالها.

أول مركز قيادي لي في الحركة وكنت حينها في السابع عشر من عمري وذلك عام 1992م
ولكن وبعد فترة قصيرة لم يطل فيها انتظاري وأثناء خروجي من المسجد وإذا بالأخ الحبيب، م - ج (أبو ع) حفظه الله، ينادي عليّ فذهبت إليه وسلمت عليه ثم دار بيننا حديثً عام كان يمهد من خلاله للحديث معي في موضوع يضمره لطرحه عليّ، وأثناء حديثنا ذلك قال لي: ما رأيك في حماس؟
فقلت له: هي حركتنا التي نتمنى أن نجاهد من خلالها.
 فقال: هل أنت مستعد للعمل معها الآن؟
فقلت له: نعم نعم..
 فقال لي: سأطرح عليك أمرّا وأنت فَكِّر به ثم ردّ عليّ!
فقلت له: وما هذا الأمر؟
فقال: الإخوة اقترحوا اسمك لقيادة المخيم (يقصد المخيم الجديد بالنصيرات)
فقلت له: أنا صغير على ذلك.
فقال لي: ألم تقل أنك مستعد للعمل مع الحركة.
فقلت له: صحيح أنا مستعد ولكنني أرى أن هذا الأمر أكبر منّي ولكن لو كلفتني أن أكون جنديًا في مجموعة فهذا جيد وهذا ما أتمناه.
فقال لي: أنا أثق بك جدًا وبقدراتك ومتأكد من أنك قادر على إدارة المخيم.. فكّر في الموضوع مرة أخرى وغدًا ألقاك صلاة العصر ولم يعطن المجال للرد مرة أخرى بل انسحب بسرعة وقال وهو يبتعد عنّي موعدنا غدًا.
وفي اليوم التالي: وجدته ينتظرني على باب المسجد إلى جهة الشرق في نصف الطريق ونادى عليّ وقال لي: ما هو ردك بخصوص الموضوع ؟
فقلت له: كما كان بالأمس.
فقال: طيّب فكّر مرة أخرى وردّ عليّ غدًا صلاة العصر.
فقلت له: هذا ردي ولن يتغير. ولكنّه أصرّ علىّ بتكرار قوله. وافترقنا كاليوم السابق. وفي اليوم الثالث انتظرني في نفس المكان فذهبت إليه وسلمت عليه فقال لي وهو يبتسم: ما هو ردك ؟
فقلت له: كما هو.. ولكنه لم يقبله مني و قال: أنت مكلف من الإخوة بقيادة وإدارة المخيم وعليك أن تذهب غدًا إلى الشارع الذي بين البيارتين و-يقصد بذلك الشارع الذي بين البيارة المعروفة حينها ببيارة أبو حمدان والبيارة التي تحدها من الشمال- وستجد رسالة تحت حجر في منتصف الطريق على يمينها داخل البيارة بقليل, وكان هذا الشارع لا يدخله الناس إلا قليلًا جدًا. وهذه كانت بداية التواصل في عملي التنظيمي الجديد من خلال النقطة الميتة.
وبالفعل توجهت في اليوم الثاني ووجدت الرسالة وكان فيها تكليفي بقيادة المخيم ووجدت فيها ضرورة ردي على الرسالة, وبالفعل رددت على الرسالة وبدأ التواصل والعمل, وكان أول تكليف لي بتشكيل مجموعات للقيام بما يلزم العمل التنظيمي، من عمل جماهيري وتحريضي وأمني ومتابعة مشاكل الناس وإيصالها للجان الإصلاح، وتم تسليمي مبلغًا من المال لشراء بعض لوازم العمل ولتفصيل اللباس المناسب لارتدائه أثناء العمل لأن لباس المجموعات التي كانت قبلنا كان قد اهترأ.

لماذا رفضتُ التكليف بتشكيل مجموعات أمنية لمتابعة الأهالي ؟
وبالفعل قمت بذلك إلا تشكيل الجهاز الأمني فإنني اعتذرتُ عنه لأنني أرى أن التجسس على عموم الأهالي ومتابعة تفاصيل حياتهم أمر لا يجوز شرعًا ولا يصح أخلاقًا مع شعب يقدّم الغالي والرخيص نصرة للمقاومة والقائمين عليها، كما أن متابعة الأهالي أمر مخالف للمروءة وليس من أخلاق المقاوم النبيلة.. إلخ. من الموانع التي تمنع التجسس على عموم الأهالي.
وهنا أرسل إليَّ الإخوة - من خلال تواصلنا بالنقاط الميتة - بضرورة ذلك فاعتذرت مجددًا. ( وبالمناسبة: فأنا حتى اللحظة غير مقتنع بتشكيل جهاز أمني لمراقبة الأهالي في بيوتهم وعلى أبوابها وفي حلهم وترحالهم كما هو الحال ).

أثناء مراسلتنا حول تشكيل جهاز الأمن رأيتُ أنه من المناسب استغلال فرصة وجودي في القيادة -والتواصل المباشر من خلال النقاط الميتة- لكي أطرح على الإخوة في القيادة الهدف الذي لطالما انتظرت اقتناص أي فرصة لتحقيقه.
هذا الهدف هو القتال في سبيل الله بالسلاح بدل الحجارة وما شابهها، حيث كان هناك جيب عسكري صغير للاحتلال يتجول بانتظام على طريق البحر غرب مخيمنا وكان هذا الجيب يقل ثلاثة جنود، اثنان في الأمام الضابط والسائق وآخر في الخلف حيث كان يجلس وأمامه رشاش، فطلبتُ من الإخوة توفير قطعة أو قطعتين من السلاح الناري سواء مسدس أو غيره، لأن الأخ الفاضل، م - ع ( أبو م ) كان سيشارك معي في العملية.

فبعد الرصد والمتابعة المتواصلة لاحظتُ أن أفضل طريقة لقتل الجنود الذين يستقلون الجيب هي طريقة إطلاق النار عليه من قرب، وهنا بدأتُ بفكرة البحث عن سلاح ناري للتنفيذ.. إلا أن تسلمي للقيادة والمراسلة المباشرة مع القيادة أتاح لي فرصة ذلك..

كان من السهل القضاء على الجنود الثلاثة لأنهم كانوا مقيدي الحركة داخل الجيب ولا يمكنهم الحركة واستعمال السلاح بسرعة، ولذا كان بالإمكان إطلاق النار عليهم من مسدس من نقطة الصفر وقتلهم دون أن يقدروا على القيام بأي ردة فعل.
بعد مراسلتي للقيادة وإبلاغها عن العملية وطلب السلاح منها للتنفيذ، طلبت مني تفاصيلها فاطلعتهم عليها، ولكن القيادة حينها كان لها رأي وطرح آخر فطلبت مني تشكيل خلايا وتجهيزها للبدء بتدريبها، وذلك لأن القيادة العامة للحركة قررت توسيع دور الشباب في العمل العسكري، فأرسلتُ لهم أنني لو قمت بتشكيل مجموعات ثم قمت بتنفيذ العملية التي طرحتها عليكم وتم اعتقالي فربما أتسبب بضرر أمني للإخوة ولذا أرى أن نؤجل موضوع التجنيد لبينما ننتهي من العملية، فإن بقيت حيًا قمت بتشكيل المجموعات، ولكن القيادة أكدت على ضرورة ذلك، فقلت لهم: بما أنكم ذكرتم موضوع التدريب العسكري إذن هذا يفيد بوجود إمكانيات عسكرية ولو قليلة فلماذا لا توفرون لي قطعتين لي وللأخ لنقوم بعمليتنا، وإن أحياني الله بعدها فسأكمل مشواري في التجنيد، وكان دافعي لطرح ذلك هو أنني كنت أتوقع أن نستشهد في تلك العملية أو نُصاب ونُعتقَل، ولذا قلت لهم: إن استشهدنا فلا حاجة لكم بترتيباتي وإن اعتقلت فربما أعترف تحت التعذيب عن الإخوة الذين جندتهم وهنا سيتلقون حكمًا كبيرًا بناءً على انتمائهم لحركة حماس وجناحها العسكري كتاب القسام، وهنا طلبت مني القيادة تأجيل الموضوعين موضوع العملية وموضوع التجنيد وبالفعل توقف الأمر، وكنت طيلة مدة المراسلات والمناقشات أدير المخيم ولكن كان التخطيط للعملية وتنفيذها يسيطر على جل تفكيري، حتى تم تغيير القيادة وباقي التشكيلات التغيير الروتيني المعتاد وانتهى الأمر ولم أكن متشجعا لطرح الموضوع على أحد ليطرحه للقيادة نيابة عني، ثم وبعد ما يقارب العقد والنصف انطلقت انتفاضة الأقصى وذلك في عام 2000م، وكنتُ قد نشطتُ منذ انطلاقتها في هذه الأيام التقيت بالأخ الذي كلفني في الانتفاضة الأولى بقيادة المخيم وتحدثنا طويلًا، وعندما تكلمنا عن العسكري ذكرتُ له ما حدث معي أثناء المراسلات، فقال لي: بصراحة أنا الذي كنت أتواصل معك ومن ثم مع القيادة المركزية وأنا الذي كنت طلبت منك تجنيد الشباب للتدريب، فقلت له: إذن أنت الذي أجلت عملية الجيب الصغير على طريق البحر، فقال لي: نعم صحيح سامحني لم أكن أعلم أن بإمكانك أن تقوم بمثل هذه العمليات لذا عملت على التسويف والمماطلة، حتى تغيرت القيادة وجاءت قيادة غيرنا، فقلت له: ولكن بعدها مباشرة قام الشهيد عماد عقل رحمه الله بمهاجمة جيب صغير في الشجاعية - في العملية المشهورة له – وهو نفس إمكانيات الجيب الذي كنت أراسلكم بخصوصه وقتل كل من فيه. فقال: صحيح.
بعد عملية الشهيد عماد عقل في الجيب الصغير تم سحب أمثاله واعتماد جيبات مصفحة للتنقل داخل قطاع غزة، ولم يعد لهذه الجيبات حركة إلّا في حال كانت ضمن دورية كبيرة محصنة.

عودًا على ما قبل استرسالي وذكري للحوار مع الأخ في بداية انتفاضة الأقصى لإكمال الحديث عن العمل في الانتفاضة الأولى " انتفاضة ال87 "، فأُكمل قائلًا: وبعد فترة بسيطة جدًا تغيّرت القيادة في كل المنطقة التغير الروتيني المعهود، وبالجملة تغيّرت القيادة في منطقتنا وعندما استلم أخ جديد قيادة المخيم عرض عليّ الإخوة أن أعمل معهم، إلا أنني اعتذرتُ لهم، لأنه كان لي تواصل آخر مع إخوة في الجناح العسكري- كتائب الشهيد عز الدين القسام- وكانوا قد عرضوا عليّ العمل معهم وكنتُ أجلّت الرد لبينما أرى ماذا سيحدث معي في عملية الجيب التي ذكرتها، ولكن وبعد أن تغيرت القيادة أحببتُ أن أُكمل مع الإخوة في كتائب القسام وبالفعل تم ذلك.

العمل في كتائب القسام وتطوره السريع:
بعد تسليمي القيادة جاءني أحد ع – ع حفظه الله، وطرح عليّ مباشرة في الجهاز العسكري -كتائب القسام- فرحبت بذلك واتفقنا على موعد نلتقي فيه للحديث حول العمل وفي الموعد وبالفعل زارني الأخ وباشر معي الحديث حول الأمور العملية، حيث طرح علي اسم أحد العملاء وقال فلان عميل ونريد خطفه للتحقيق معه، فقلت له: ولكن الأمور لا تكون بهذه السرعة ولابد أن يشرف على هذا الأمر علماء متمكنون حتى لا نقع في الدم الحرام ولكنه أكد لي أن هذا عميل مؤكد ووو ولكني لم أتشجع للموضوع وترددت –والحمد لله- وقلت له عندي هدف في المخيم العسكري شرق النصيرات فلقد رصدت الجنود الذين يصعدون للمراقبة وكل مواعيدهم عندي ونحتاج قناصة لقنصهم، فقال: هذه يقوم بها أحد الإخوة متدرب جيدًا –فنحن كنا نعاني من صعوبة التدريب بسبب وجود الاحتلال في كل مكان- وبالفعل قام بها أخ بعد فترة، كما طرحت موضوع هدف الجيب فقال: يحتاج لمغامرة استشهادية ممكن تكشف الإخوة ويعترفون على بعضهم – كان حينها العمل العسكري منفتح على بعضه فلقد كان تجاوز المرحلة الاولى ودخل المرحلة الثانية مع كثير من الاحتياجات ما اضطر الاخوة للانفتاح على بعضهم وهذا أضر بالجميع وبالعمل كذلك- بعد تأجيل عملية الجيب لم يبق أمامي إلا المشاركة في خطف العميل وبسبب ما كنت أسمعه من أخطاء فلقد ترددت وقلت للأخ انا مستعد أن أقوم بأي عمل ضد الاحتلال لكن موضوع العملاء لا أستطيعه أخاف من الأخطاء، ثم افترقنا وبقينا نلتقي ولكن الأمور كلها كانت صعبة جدًا ماديًا كما أن السلاح كان غالي الثمن بشكل كبير، وأمنيًا حيث كان الاحتلال يتابع كل التحركات ويتحرك باستمرار، وفي هذه الفترة عشنا فترة من الانتظار والترقب حتى جاء القرار العام من الحركة بتجميد جل أنشطة العمل الجماهيري والعسكري بسبب عقد اتفاق أوسلو واقتراب موعد قدوم سلطة أوسلو، حيث قالت الحركة أوسلو والمشروع السلمي كله سيفشل ولكن لا نريد أن يقول الشعب أننا نحن من أفشله ولذا تريثوا والأيام كفيلة بإسقاطه وإفشاله وبالفعل فشل مشروع أوسلو ذاتيًا.
بعد ذلك بدأت الاجتهادات الفردية من الإخوة عدا بعض الاجتماعات السياسية والقرارات العسكرية التي كان يقوم بها مسئولون عسكريون وسياسيون، ولكن بشكل ارتجالي وليس بقرار عام من قيادة الحركة والتي لم تكن ملتئمة بشكل رسمي وعلى الدوام حينها.

يتبع بإذن الله: سأسرد بعض المواقف العملية المفيدة لاحقًا.
كتبه عن نفسه للفائدة والتوثيق أخوكم المحب
تيسير محمد تربان
أبو عبد الله
فلسطين _ غزة
4/12/2017م


إرسال تعليق

 
Top