الحمد
لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله
وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين..
وبعد
توطئة:
منذ
ظهور الدعوة الإسلامية و الأمة تخوض حرب
عقول معقدة مع أعدائها والذين لم يتوانوا لحظة في المكر لها وخديعتها للإيقاع
بضعاف النفوس أو الجُهَّال منها، لجلبهم لمستنقع الغدر والخيانة و استخدامهم ضد
أمتهم وقضاياها المشروعة والعادلة.
ولذلك
كان التحذير الرباني العام لتنبيه الأمة لتكون على أقصى درجات الحيطة والحذر، حيث قال
تعالى: "خذوا حذركم"، وبما أن القرآن بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فإن
هذه الآية شاملة لجميع نواحي المعركة مع الأعداء، سواء الأمنية أو العسكرية أو
العلمية.. إلخ.
قال القرطبي في هذه الآية: أي كونوا متيقظين، وضعتم السلاح أو لم تضعوه. وهذا
يدل على تأكيد التأهب والحذر من العدو في كل الأحوال وترك الاستسلام، فإن الجيش ما
جاءه مصاب قط إلا من تفريط في حذر. أ-هـ
بعض مخاطر التواصل مع المعرفات الجهادية الوهمية على الشبكة العنكبوتية:
تنتشر
على الشبكة العنكبوتية كثير من المعرفات مجهولة الحال ولكنها ذات صبغة جهادية و
أخرى تظهر بمظهر المجاهد أو المناصر للمجاهدين ولكنها في حقيقتها تكون لضباط
مخابرات لدول معادية، وتنشط هذه المعرفات ببناء العلاقات مع الإخوة المجاهدين أو
المناصرين لهم، ومن ثَم يبدأ صاحب هذا المعرف يتحدث مع المجاهد أو المناصر على أنه
أحد المجاهدين أو المحبين لهم وأنه من الساحة الجهادية الفلانية أو الجماعة الفلانية،
ويبدأ ببناء علاقة عادية مع الأخ المُستهدَف علاقة لا تشوبها أي شائبة ومن ثم يبدأ
بتبادل الأخبار العامة مع الأخ، وتدريجيًا ومع مرور الأيام والأحداث والمستجدات
يستغل ضابط المخابرات انشغال الأخ المستهدَف بأمر ما أو بوقوعه في مشكلة معينة،
فيقوم بالتفاعل معه وأنه مستعد لخدمته ومساعدته في التخلص مما يواجهه. يقبل الأخ
هذه المساعدة من صديقه الوهمي والذي في حقيقته ضابط مخابرات مخضرم، وغالبًا ما
تكون هذه الخدمة هي تقديم دفعة مالية خاصة للأخ أو كتمويل لمجموعته الجهادية أو
لأصدقائه المناصرين للجهاد، ومِن هنا يقع الأخ المخدوع في شباك المخابرات لأنه قد
استلم منه دفعة مالية وهذه الدفعة قد أدت لكشف أحد الخطوط والطرق التي يعتمد عليها المجاهدون في تحويل
الأموال، وذلك لأن ضابط المخابرات كشف الأماكن التي يستخدمها الإخوة لأنه دخل ضمن
المنظومة أثناء تحويله للأموال. أو ربما تكون هذه المساعدة كشفت أحد الطرق التي
يعتمد عليها المجاهدون بحكم اطلاع ضابط المخابرات عليها بسبب احتياج الأخ له.
وكذلك يكون ضابط المخابرات بتقديمه لهذه الدفعة المالية قد استمال الأخ وطمأنه على
صدق أقواله وإنجاز وعوداته، وربما يُقَسِّم ضابط المخابرات الدفعة المالية لقسمين
لكي يكشف أكثر من طريقة أو خط تمويلي للمجاهدين، وهكذا يكون ضابط المخابرات قد حصل
على معلومات ثمينة ومهمة جدًا مقابل المبلغ الذي دفعه للأخ المخدوع، بغض النظر عن
قيمة المبلغ وحجمه لأن المعلومات التي يحصل عليها ضابط المخابرات في هذه الحالة
تساوي ملايين الدولارات.
وربما
تكون المساعدة التي احتاجها الأخ المخدوع هي توصيله بالمجاهدين في ساحة ما، فيقوم
ضابط المخابرات بخداعه و إيهامه بأنه قادر على توصيله بهم وأنه يعرف بعضهم، وهذا السعي
المخادع لربط الأخ بأخ آخر بساحة جهادية أخرى ينتهي بإيهامه بأنه تم توصيله بالفعل
بمن يريد، ولكن الأمر في حقيقته هو أن ضابط المخابرات وفريقه هم أنفسهم مَن
يتواصلون معه بمعرفات جهادية وهمية أخرى، ويتظاهرون أنهم يحدثونه من الساحة التي
يريد، وهذا الأمر لا ينتهي إلا باستدراجه وقتله أو استخدامه للوصول لآخر ربما يكون
أخطر منه أو بمعرفة كل المعلومات التي يملكها عن الإخوة والساحات وإبقاء التواصل
معه للاستفادة من المعلومات التي يصل إليها لوجوده بين الإخوة.
بعد
ذلك وبحسب تقييم ضابط المخابرات وفريقه لنفسيّة الأخ ودرجة أهميته وعلاقاته يقوم
بالتركيز معه واستخدامه -وهو لا يعلم- لكشف أمور تخص طرق التهريب أو تحويل الأموال
أو التواصل مع الآخرين.. إلخ، وإما أن يقوم بتوجيهه للوصول لشخصيّة معيّنة للتمكن
منها ومعرفة أخبارها ومهماتها وتفاصيلها عن قرب، كل هذا يحدث تدريجيًا وبخطوات
ناعمة والأخ لازال يظن أنه يتواصل مع مجاهد مخلص أو مع محب للجهاد والمجاهدين ولا
يعلم أنه يتواصل مع ضابط مخابرات معادي.
في حال أخذ ضابط المخابرات كل المعلومات
المطلوبة أو رَجَحَ عنده أنه أخذ معلومات تُدين الأخ المغفل وتُوقِعُه في مشاكل مع
المجاهدين، حينها يفصح عن حقيقته للأخ ويخبره تدريجيًا أو مباشرة بحقيقته بأنه
ضابط مخابرات، وهنا يشعر الأخ عظم جرمه والذي جلبه لنفسه بسذاجته. حينها إما أن
ينهار ويستسلم لضابط المخابرات أو يطمع ويتواطأ معه ضد أمته ودينه، وهنا يصبح
خائنًا لدينه وأمته خيانة يستحق عليها العقاب والقتل، وإما أن يتدارك الأخ نفسه ويخبر
الثقات حوله بما حصل معه ليتعاونوا معه ويخرجونه من هذه المصيبة، بل وربما يكون
الأخ قوي الإرادة ويخرج من هذه المصيبة بنفسه ويغلق حسابه أو حساباته التي كان
يتواصل من خلالها مع هذا ضابط المخابرات
وفريقه الخبيث، ولكن هذا لا يكفي بل لابد أن يُبلِّغ الإخوة بما حصل معه لكي
يأخذوا حذرهم ويعملوا على عمل اللازم لتفادي أي خطر قد ينتج عن وصول تلك المعلومات
لضابط المخابرات.
يقول
بعض الإخوة: أنا أتواصل مع الآخرين بمعرّف وهمي وهذا يحميني من معرفة شخصيتي.
أقول:
ربما لهذا الكلام وجه. ولكن، أليس ما تقدمه من معلومات أثناء تواصلك مع شخص لا
تعرفه ولا تعرف اسمه الحقيقي ولا تفاصيله، أليست هذه جريمة في حق المسلمين عمومًا
والمجاهدين خصوصًا !!؟. كيف تقدم نصف معلومة لشخص لا تعرفه !!؟ ألا تتق الله في
المسلمين وأمنهم وحياتهم وأحوالهم !!؟
نصيحة أمنية بالخصوص:
لذلك
أنصح الإخوة من عدم التواصل مع أي أحد إلّا بعد أن يفصح عن اسمه أو أن يزكيه لك
مباشرة أخ أنت تعرفه جيدًا ويؤكد لك التزكية ويعطيك المعرّف بيده أو من خلاله.
المهم أن تأخذ المعرّف من صديقك الذي تثق
به مباشرة، مع التأكيد على تجديد التزكية من حين لآخر مع نفس الأخ الذي تعرفه
مسبقًا، والحذر ثم الحذر من الانتقال من تزكية لأخرى إلّا بالرجوع للأخ الأول والذي
تثق به مسبقًا والذي أوصلك بهذه الدائرة، لأن كثيرًا من الإخوة الناشطون خلف هذه
المعرفات يكون عندهم شيء من التساهل في التواصل مع المعرفات الأخرى وغالبًا تحدث
الاختراق في مثل هذه التنقلات، كما حدث كثيرًا ولازال يحدث، للأسف.
أما بخصوص المواقع التوعوية مجهولة الإدارة، إيجابية المحتوى:
أما
المواقع التوعوية -الشرعية أو السياسية أو العسكرية أو غيرها- التي لا يُعرف القائمون عليها، فإنني أرى أنه لا
حرج في النشر بها إذا كانت هذه المواقع لا تغيِّر شيئًا من محتوى المادة الأصلي،
وطالما أن محتوى الموقع إيجابي ونافع، وهذا يحصل كثيرًا لأن الأمر ببساطة هو أن
الأخ يرسل مقاله على إميل الموقع، والموقع يقوم بالنشر أو عدم النشر، ففي هذه
الحالة ما يتم نشره هو ما يريد الأخ نفسه نشره لعامة الناس، سواء من خلال حساباته
على الشبكة العنكبوتية أو من خلال غيرها.
والله
الموفق وهو خير الحافظين.
وآخر
دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
كتبه/
الباحث في الشؤون الشرعية والسياسية
تيسير محمد تربان
فلسطين
– غزة
26/12/2017م
إرسال تعليق