أهمية
التفريق بين الأسماء والأحكام في العقيدة
الحمد لله رب
العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا وقائدنا محمد وعلى
آله وصحبه ومن تبعه إلى يوم الدين
وبعد
يعتبر فهم
مسألة الأسماء والأحكام أساس مهم لكل من يريد أن يتكلم في المسائل الشرعية خصوصًا
العقائدية منها، فلقد أحدث الخلط بين الأسماء والأحكام لغطًا كثيرًا وغبشًا كبيرًا
خصوصًا في المسائل العقائدية، حيث أن كثيرًا من الإخوة يخلطون بين المسألتين،
مسألة الأسماء ومسألة الاحكام، ما يجعلهم يحملون المسائل على غير محملها أو يجعلهم
يتركون المسألة جملة وتفصيلًا وهذه مشكلة على أي حال كانت، فالانضباط في الفهم مهم
والعلم وعدم النفور من المسألة مهم كذلك.
ولتبسيط
المسألة أقول: عندنا في الإسلام، أسماء وأحكام:
والأسماء هي: مؤمن، مسلم، فاسق، منافق، ظالم،
كافر، مشرك.. إلخ.
والأحكام قسمان:
أحكام تكون في
الآخرة، كأن نقول: فلان في الجنة أو في النار، فهذه أمرها إلى الله ولا نستطيع أن
نجزم بها إلّا في المقطوع فيها بالنص الثابت.
وأحكام دنيوية
وهي: الموالاة، المعاداة، الحب، البغض، النصرة، المحارَبة، القتل، الصلاة عليه حال
وفاته.. إلخ.
والأحكام هي ما
نصت عليها الشريعة بخصوص الأسماء، حسب الدليل الشرعي وضوابطه.
والأحكام
ملازمة للأسماء بناءً على الأدلة الشرعية، فمثلًا عندما نقول: فلان مسلم، فإن
قولنا هذا ابتداءً هو من باب الأسماء لا الأحكام، و لكن يُبْنَى على تسمية فلان
بالمسلم أحكام نص عليها الإسلام، وهي مثل: وجوب محبته و مناصرته، وجواز تزويجه بالمسلمة،
ويجوز أكل ذبيحته لو ذبح بيده، ويجوز الصلاة عليه حال وفاته.. إلخ.
وعندما نقول:
فلان كافر-بغض النظر عن نوع الكفر، هل هو كفر أصلي أو كفر الردة- فإن قولنا هذا هو
من باب الأسماء لا الأحكام، وإن الأحكام المترتبة على هذا الاسم هي مثل: وجوب
بغضه، وعدم جواز تزويجه بالمسلمة، ولا تجوز الصلاة عليه.. إلخ. وهناك اختلاف في
بعض الأحكام المترتبة على الكافر والاختلاف هذا ناتج عن المسمى، فالكافر الأصلي
تختلف أحكامه عن المرتد.
وإسقاط الأحكام
على الأسماء فيه تفصيل مبني على نوعيّة الفعل وتوفر الشروط وانتفاء الموانع،
والموانع هي: الجهل و الخطأ والإكراه والتأويل، والشروط في عكس الموانع، فإذا قلنا
الجهل مانع فإن العلم شرط.
وكذلك فإن هناك
أحكام واجبة على كل مسلم بعينه كعدم بدء الكافر بالسلام وعدم الصلاة على الميت من
الكافرين، وهناك أحكام لا يجوز أن يقوم بها إلا الحاكم أو من ينوب عنه كقتل المرتد.
وكذلك لا يلزم
من إسقاط الحكم على الاسم تنفيذ الحكم، كأن يتساءل أحد فيقول: إذا حكمت على فلان
بالكفر فإن ذلك يلزمني بقتله ولذا لن أحكم عليه بالكفر وسأسلم بنفسي وهو يسلم
بنفسه، وهذا كلام غير صحيح، فالصواب هو ليس بالضرورة على المفتي أو ناقل الفتوى
تنفيذ الحكم بل إن ذلك ليس من اختصاصه ولا يصح له ذلك إلّا في حالات استثنائية و
نادرة جدًا.
مثال: لو أن
رجلًا نصرانيًا نطق الشهادتين بنية دخول الإسلام فإنه بذلك يصبح مسلمًا، له ما
للمسلمين وعليه ما على المسلمين، ولكنه لو ارتد عن الإسلام وعاد لكفره فإنه بذلك
يصبح كافرًا مرتدًا تنطبق عليه أحكام المرتد، ولكن لا يصح لأي أحد أن يقوم بتنفيذ
أحكام المرتد إلّا من سمح الشرع لآحاد المسلمين بتنفيذه، كأن يمتنع عن أكل ذبيحة
ذبحها بيده ولا يطرح عليه السلام ابتداءً، أما حكم القتل فإن هذا لا يقوم به إلا
الأمير أو من ينوب عنه، مع وجود بعض التفصيل فيما سبق والتي لا أرى أن الموضوع
بحاجة للتطرق لها، لأن موضوعنا هو تبيين الفرق بين الأسماء والأحكام والمترتب على
ذلك بالعموم.
وعلى ما سبق
فلا يصح لأحد أن يقول أنا لا أريد أن أدرس موضوع التكفير لأنه خطير ويتطلب مني كذا
وكذا من الأمور العظام، فهذا الخطأ لأن التعلم واجب لا يُعذَر أحد بتركه، فمعرفة
الكفر وشروطه وموانعه ولوازمه ضرورة على كل مسلم ولكن إسقاط الأحكام العينية أو
تنفيذها فهذا الموضوع ليس واجب على كل أحد من المسلمين، ولكن الواجب من هذا هو
تكفير من كفّرهم الله ورسوله بالنص الصحيح الصريح.
إرسال تعليق