الحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله،
والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
المسجد الأقصى هو القبلة الأولى
بارك الله تعالى المسجد الأقصى وما حوله
وما ذاك إلّا لعظيم مكانته عنده، ولقد جعله الله أول قبلة للمسلمين قبل أن يأمر
النبي عليه الصلاة والسلام بالصلاة إلى الكعبة المشرفة، كما ثبت في حديث ابن عباس
رضي الله عنهما حيث قال: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ بِمَكَّةَ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَالْكَعْبَةُ
بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَبَعْدَ مَا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ سِتَّةَ عَشَرَ
شَهْرًا ، ثُمَّ صُرِفَ إِلَى الْكَعْبَةِ". رواه الإمام أحمد.
وهذا هو المقصود بالقول: المسجد الأقصى
هو أولى القبلتين، ومعلوم أن القبلة الآن هي مكة ولا قبلة للمسلمين غيرها، قال
تعالى: " قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ
قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا
كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ..".
خطأ القول بأن المسجد الأقصى ثالث الحرمين
الشريفين:
لاشك أن المسجد الأقصى أحد المساجد
الثلاث التي تُشد إليها الرحال ولكنه ليس حرمًا بالإجماع، ولذا فإن المقولة الشائعة
بأنه "ثالث الحرمين الشريفين" هي خطأ شاع بين المسلمين وانتشر بحسن نية
وعدم دراية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
الأقصى: اسم للمسجد كله، ولا يُسمى هو ولا غيره حرمًا، وإنما الحرم بمكة والمدينة
خاصة.
وفي وادي " وج "-الذي بالطائف- نزاع بين العلماء. انتهى.
وكذلك لا ينبغي أن نقول: الحرم القدسي، لأن الحرم هو
ما يحرم صيده وشجره، وله أحكام خاصة.
وفي تخصيصه مع المسجد الحرام ومسجد
النبي بشد الرحال إليه، قال صلى الله عليه وسلم: "لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ
إِلاَّ إِلَى ثَلاَثِ مَسَاجِدَ: إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي
هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الأَقْصَى". رواه الإمام أحمد.
وكذلك أجمع العلماء على أن الصلاة فيه
أفضل من الصلاة في غيره من المساجد، إلّا المساجد التي خصصها النبي عليه الصلاة
والسلام، وهما المسجد الحرام ومسجده صلى الله عليه وسلم.
مِن الصحابة الذين شدّوا الرحال إلى
المسجد الأقصى:
*أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه،
وكان القائد العام لجيوش الفتح في الشام.
*بلال بن رباح ، شهد فتح بيت المقدس مع
عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وأذّن في المسجد الأقصى.
*معاذ بن جبل رضي الله عنه، استخلفه أبو
عبيدة على الناس بعد موته، فمات هو أيضًا بالطاعون.
*خالد بن الوليد رضي الله عنه، سيف الله
المسلول شهد فتح بيت المقدس.
*عبادة بن الصامت، أول من وُلّي قضاء
فلسطين، سكن بيت المقدس ودُفن فيها.
*وغيرهم الكثير رضي الله عنهم جميعًا
وأرضاهم.
المسجد الأقصى كله متساوٍ في الأفضلية:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولم يُصلِّ
عمر ولا المسلمون عند الصخرة، ولا تمسحوا بها، ولا قبلوها، بل يقال: إن عمر صلى
عند محراب داود عليه السلام الخارج.
وقد ثبت أن عبد الله بن عمر رضي الله
عنهما: كان إذا أتى بيت المقدس دخل إليه، وصلى فيه، ولا يقرب الصخرة ولا يأتيها،
ولا يقرب شيئًا من تلك البقاع، وكذلك نقل عن غير واحد من السلف المعتبرين، كعمر بن
عبد العزيز، والأوزاعي، وسفيان الثوري، وغيرهم.
وذلك أن سائر بقاع المسجد لا مزية
لبعضها عن بعض، إلا ما بنى عمر رضي الله عنه لمصلى المسلمين. انتهى. ( ومزيته أن
عمر هو الذي بناه).
هذا، والله من وراء القصد
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله
وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا
كتبه/ الباحث في الشؤون الشرعية
والسياسية
تيسير محمد تربان
فلسطين . غزة
1-1-2018م
إرسال تعليق