الحمد لله رب
العالمين الهادي إلى الحق المبين والصلاة والسلام على رسوله الأمين الهادي إلى
الصراط المستقيم
وبعد
رسالة
إلى ولدي"1"؛ بين هداية الرحمن وغواية الشيطان؛ نيّة صادقة
اعلم بُنيَّ أن
الدنيا عابرة والآخرة باقية، وأن النجاح الحقيقي هو بالفوز بالاختبار الرباني
والذي مدته الزمنية هي منذ أن تبدأ الملائكة تسجل على الإنسان أعماله وتنتهي
بموته، هذه الدنيا أفنت كثيرًا من الناس والذين نجحوا فيها وفازوا برضوان الله
ونعيمه وجنانه، وكذلك أهلكت كثيرًا من الناس وفشلوا في الاختبار فانكبوا على
وجوههم في سخط الله وعذابه، ولكن المؤسف أن الذين فشلوا في الاختبار الرباني أكثر
بكثير من الذين نجحوا وفازوا، ولذلك إياك ثم إياك أن تغرنّك الحياة الدنيا بزينتها
وزخرفها فتغرقك بوحلها وتعميك عن الحق والصدق مغرياتها فتهلك كما هلك أكثر من
رتعوا على الأرض . فإياك أن تغرنّك وتغريك وتستدرجك رغبًا أو رهبًا، فما عند الله
خير وأبقى.
كثير من الذين كابدوا هموم الدنيا وقاسوا من ظُلّامِها ومنافقيها تجاوزوا ذلك بما يرضي
الله تعالى، فكان لهم النور الرباني الذي أنار لهم دروبهم في الدنيا وأرشدهم
وهداهم إلى الصراط المستقيم حيث الصراط الآمن الأمين الذي يبدأ بالعمل الصالح وينتهي
في جنات النعيم.
فالله تعالى لا
يضيّع الصادقين الذين حملوا الخير في قلوبهم وانشرحت به صدروهم لأمتهم، قال تعالى:
"وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ.."، أي من يعلم
الله فيه الخير وأنه يريد الحق وأن قلبه يميل إلى الهداية ويتمنى تحصيلها على
الوجه الذي يُرضي الله تعالى؛ فإن الله يهديه للحق ويوفقه للإخلاص والصدق ثم يكرمه
بالفوز بالرضوان والجنان.
إلى ولدي:
اعلم أن الله
لم يكن ليهلك قومًا إلّا بعد علمه بفساد قلوبهم وسوء فعالهم، ولكنه بعدله لم يكن
ليهلكهم إلّا بعد أن تُعرض عليهم دعوة الحق حيث توحيد الله والقيام بشرائعه، فإن قبلوا ذلك وتمسّكوا به والتزموا أوامره أفلحوا وفازوا بما عنده،
وإن أعرضوا وتكبروا حل عليهم غضبه واستحقوا عذابه، قال الله تعالى:" وَمَا
كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ
مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"، فالضلال عن الحق
عقوبة الله لمن وصله الإسلام بأجمل آياته وأهدافه فرفضه واستكبر وأصرّ
على استخفافه به، ومَن كان هذا حاله وقع عليه غضب الله وعقابه بإضلاله عن الهدى والصراط
المستقيم. فالله تعالى لا يضل أحدًا إلّا بعد أن يبيّن له الحق ويقيم
عليه الحجة . ولذا فإن الغواية والضلال كسب الإنسان لنفسه بنفسه، وهذا ما بيَّنه
لنا ربنا تعالى حيث قال: "فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ
وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ"، فلما زاغوا هم عن الحق
واستكبروا عليه عاقبهم الله بأن أزاغ قلوبهم والله لا يهدي الفاسقين الذين خرجوا
من طاعته وتمسّكوا بطاعة الشيطان وتركوا سبيله وسلكوا طريق الشيطان.
وختامًا؛
إياك أن تغفل عن هذا الدعاء: "رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ
هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ".
والله من وراء
القصد
وآخر دعوانا أن
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه/ الباحث
في الشؤون الشرعية والسياسية
تيسير محمد
تربان
أبو عبد الله
فلسطين . غزة
27-1-2018م
بارك الله فيكم وفي أولادكم آمين
ردحذفاللهم آمين.. حياك الله أخي وجزاك خير الجزاء
حذف