الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله..
وبعد
تعتبر
النصيحة التي يحتاجها المسلمون ميتة لا قيمة لها ما لم يصدح بها صاحبها و يبلغ بها
غيره ويطلعهم على حقيقة الأمر المراد وفوائده أو مخاطره.
والنصيحة دين كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ، الدِّينُ
النَّصِيحَةُ» قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «لِلَّهِ،
وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ». ومن
هذا المنطلق ومن حرصي على أهلي وأمتي وددت أن أضع بين أيديكم هذا التنبيه والذي
سبقني الكثير بالكتابة حوله، ولكن كثرة الأخطاء التي لازالت تحصل دفعتني للكتابة
كما أن التذكير مطلوب فإن الذكرى تنفع المؤمنين.
خطر تواصل عموم الأهالي مع المجهولين أو الفاسدين من خلال الشبكة
العنكبوتية:
تعتبر
الشبكة العنكبوتية اليوم من أهم المداخل للمخابرات الصهيونية حيث أنها تنشر آلاف
الضباط والمجندين الذين يجيدون اللغة العربية في الشبكة العنكبوتية وذلك للتواصل
مع الأهالي لاستدراج وإسقاط الجهال وضعاف النفوس في وَحْلِ الخيانة والعمالة
المعادية لقضيتنا العادلة، كما ينتشر فيها الفاسدون والمفسدون الذين يعملون على
اختراق أجهزت الأهالي وسرقة محتويات أجهزتهم والتي تكون في غالبها تحتوي على
فيديوهات وصور عائلية و خاصة، أو أبحاث أو حسابات وكلمات مرورها.. إلخ.
مِن المخاطر الأمنية التي تواجه الأهالي، والتخلص منها
تكمن
الخطورة في التواصل عندما يتواصل الأخ مع آخر مجهول لا يعرف اسمه ولا أصله ولا
تفاصيله، ومن هنا يبدأ الانحدار حيث الاستدراج من خلال المحادثات والتي يكشف من
خلالها ضابط المخابرات الإسرائيلي نفسيّة الأخ ونقاط ضعفه ومن ثم يبدأ تدريجيًا
باختراقه نفسيًا ومعرفة أهم احتياجاته، ليبدي بعدها الاستعداد بتلبية احتياجات
الأخ ومساعدته.
في بداية الأمر لا يُفصح ضابط المخابرات عن
حقيقة عمله ولا مراده من التواصل وتقديم الخدمات بل إنه يظهر بمظهر المحب لقضية
الأخ والمناصر لها، و المحب للخير ومساعدة المحتاجين.
في
بداية الأمر يطير الأخ فرحًا بهذه الصداقة الجديدة والتي في ظاهرها الخير والفلاح
وفي باطنها السم القاتل والهلاك.
مع الأيام يبدأ ضابط المخابرات بتقديم الوعود
والاستعداد للمساعدة وتلبية طلبات الأخ، بل وربما يقدم بعض الخدمات كدفعة أو بعض
الدفع المادية، أو غير ذلك من المساعدات، ومقابل ذلك يطلب ضابط المخابرات بعض
الملومات التي يرى الأخ أنها بسيطة وعادية لا تضر صديقًا ولا تنفع عدوًا، ولكن
ضابط المخابرات هذا يستفيد منها على أقل الأحوال في تهديد الأخ الذي أدلى بهذه
المعلومات البسيطة في نظره، ثم وبعد أن يتأكد ضابط المخابرات أنه حصل ولو على
معلومة بسيطة يبدأ بتهويل الأمر لدرجة إرباك الأخ ومن ثم يكشف له عن حقيقته وأنه
ضابط مخابرات إسرائيلي، وكذلك يقوم إبلاغ الأخ أن هذه المعلومة أدّت لوصولهم لفلان
واغتياله أو للمكان الفلاني وقصفه، هكذا يصبح هذا المغفل فريسة للمخابرات
الصهيونية ويصبح بين خيارين، إما أن يبلّغ من يثق بهم لينقذوه من هذه الورطة –
وهذا هو الصواب – وإما أن يواصل تخابره مع ضابط المخابرات والذي يبدأ بابتزازه
وتوريطه من جريمة إلى أكبر منها حتى يصبح هذا المسكين المغفل مجرمًا كبيرًا خائنًا
لدينه وأهله ووطنه، مستحقًا للعقاب والقتل.
خطر التواصل مع المفسدين، والخلاص من ذلك
كما أن التواصل مع الفاسد أو المفسد لن يخلو من
تأثير هذا الفاسد أو المفسد على الأخ فالصاحب ساحب كما يقولون، ولقد قال أصدق
الخلق وأحكمهم: "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَثَلُ الجَلِيسِ
الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ، كَحَامِلِ المِسْكِ وَنَافِخِ الكِيرِ، فَحَامِلُ
المِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ
تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ
ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً "، ففي حال تواصل الصالحون
مع الفاسدين أو المفسدين فإنهم سيؤثرون عليهم حتمًا وسيؤذونهم ويسحبونهم إلى
فسادهم حتمًا.
وربما قام هذا الفاسد أو المفسد باختراق جهاز هذا
الصالح المسكين وسرق ما فيه ثم بدأ بابتزازه. ولذا وجب أخذ أقصى درجات الحيطة
والحذر وعدم ترك شيء مهم أو حساس أو خاص على الجهاز، والأهم هو عدم التواصل مع
الفاسدين أو المفسدين. فيعلم الله كم من الأهالي استهتروا في ذلك ثم ندموا أشد
الندم ووقعوا في مشاكل وأزمات ستلازمهم مدى الحياة. فمن وقع في ذلك فلن ينفعه
البكاء أو الحسرة أو الندم. ولقد قال
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ
أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ»، فهذه نصيحة جليلة عظيمة من سيدنا ومعلمنا محمد عليه
الصلاة والسلام، وجب العمل و الانتفاع بها.
والله من وراء القصد
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله
وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
كتبه/ الباحث في الشؤون الشرعية والسياسية
تيسير محمد تربان
فلسطين . غزة
29/12/2017م
إرسال تعليق