GuidePedia

0

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
و بعد

مِن فضائل شهر شعبان

عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم الأيام يسرد حتى يقال: لا يفطر، ويفطر الأيام حتى لا يكاد أن يصوم إلا يومين من الجمعة إن كان في صيامه، وإلا صامهما ، ولم يكن يصوم من شهر من الشهور ما يصوم من شعبان، فقلت : يا رسول الله ، إنك تصوم لا تكاد أن تفطر وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم إلا يومين إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما قال: أي يومين ؟ قال: قلت: يوم الاثنين، ويوم الخميس. قال: ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم قال: قلت: ولم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان قال: ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم".
شعبان شهر مبارك يُسن فيه الإكثار من الصيام ما لم يسبب هذا الإكثار إلى ترك ما هو أفضل منه؛ من القيام بحقوق الله الواجبة، أو القيام على حاجات الناس، لأن الصيام منفعة خاصة والقيام على حاجات الناس منفعة متعدية والمنفعة المتعدية مقدمة على المنفعة الخاصة كما هو معلوم.
وإن من أهم المنافع العامة لأمة الإسلام والتي يجب على أبناء الأمة أن يقوموا بها؛  هو الجهاد في سبيل الله لتحرير ديار المسلمين من الغاصبين الغزاة، ففي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إِنَّكُم مصبحو عَدوكُمْ وَالْفطر أقوى لكم فأفطروا "، وهذا قاله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان المبارك والذي صيامه واجب على المسلمين، فكيف بباقي الشهور على اختلاف مراتبها في الأفضلية والتي لا يجب فيها الصيام بل هو فيها سُنُّة ؟ ولقد كان عمر رضي الله عنه إذا بعث سرية، قال لهم: "لا تصوموا؛ فإن الَّتقَوِّي على الجهاد أفضل من الصوم".
وكذلك يُسن الإكثار من الصيام في شهر شعبان وغيره، ما لم يُضعِف عن القيام بما هو أفضل منه من العبادات. فمثلًا؛ لو أن رجلًا أراد أن يصوم وكان الصوم يعيقه عن طلب العلم، فالأولى  له ألا يصوم.
وكذا لو أن رجلًا أراد أن يصوم ولكن صيامه هذا سيعيقه عن إكرام ضيفه وأنسه معه في طعامه وشرابه، فالأولى له ألا يصوم.
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى: "كان ابن مسعود يُقل الصوم ويقول: إنه يمنعني من قراءة القرآن، وقراءة القرآن أحب إليّ، فقراءة القرآن أفضل من الصيام نص عليه سفيان الثوري وغيره من الأئمة، وكذلك تعلم العلم النافع وتعليمه أفضل من الصيام.
وقد نص الأئمة الأربعة على أن طلب العلم أفضل من صلاة النافلة والصلاة أفضل من الصيام المتطوَّع به؛ فيكون العلم أفضل من الصيام بطريق الأولى، فإن العلم مصباح يستضاء به في ظلمة الجهل والهوى فمن سار في طريق على غير مصباح لم يأمن أن يقع في بئر بوار فيعطب.
قال ابن سيرين: إن قومًا تركوا العلم واتخذوا محاريب فصلوا وصاموا بغير علم والله ما عمل أحد بغير علم إلا كان ما يفسد أكثر مما يصلح". انتهى
ولذا فإنني أنصح نفسي وإخواني بتحري ما هو أفضل وأنفع للنفس والمسلمين والقيام به، وهذا يحتاج إلى علم وتقدير سليم لأفضلية العبادات ومواقيت بعضها على بعض.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد
وعلى آله وصحبه وسلم
              
كتبه/ تيسير محمد تربان
فلسطين . غزة
28/2/2018



إرسال تعليق

 
Top