GuidePedia

0
الحمد لله القائل:" مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ..." والصلاة والسلام على سيدنا وقائدنا محمد القائل: "مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ. وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ، إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ".
وبعد:
حماس وإيران واضطرارية تبادل المنافع.. المطلوب من السلفية الجهادية في الأردن:
تعيش  القضية الفلسطينية مرحلة صعبة جدًا خصوصًا في غزة التي لازالت تقبع تحت حصار ظالم بسبب تبنيها العام لمشروع الجهاد والتحدي في وجه الاحتلال الصهيوني وأعوانه، ولقد أصبحت  قضيتنا في مأزق حقيقي يكاد يبدد جهودها ويستنزف كل قدراتها، فلقد وضعها النظام العالمي بقيادة أمريكا في مرمى نيرانه وذلك للضغط على حراك المقاومة عمومًا وحماس خصوصًا ليستنزفها بكل الطرق، ولذا شددوا الحصار على غزة، حتى أنهم استخدموا طرقًا وحشية مثل منع تحويلات العلاج للخارج ومنع توريد الأدوية لها ما أدى لوفاة كثير من المرضى وفقدان جل أنواع الأدوية وانقطاع التيار الكهربائي وفقدان كثير من لوازم الحياة الأساسية وارتفاع نسبة البطالة والفقر...إلخ،  كل ذلك للضغط  على المقاومة وأنصارها وبالجملة فلقد دخل كل قطاع غزة في هذه الأزمة الخانقة، مما دفع حماس للعودة لتقوية التناغم مع إيران وترميم ما تهشم من العلاقة بينهما بسبب موقفها المناصر للثورة السورية ضد النظام النصيري والتي أصبحت - الثورة السورية - ثورة ضد إيران ومليشياتها بالدرجة الأولى، كما أنها - حماس - باتت تسعى للعودة للدول و الدوائر التي خرجت منها أو كادت بعد انطلاق ثورات الربيع العربي.

ما سبق ذكره من تضييق وتشديد جعل المقاومة الفلسطينية بحاجة لمؤازرة ومناصرة ممن هم من خارج غزة، وبما أن الضفة باتت مرهقة والقدس كذلك، فإن الواجب على الإخوة في الأردن أصبح ضروريًا لا يحتمل التأجيل ويأثم كل من يتركه، هذا مع العلم أن واجب نصرة القضية الفلسطينية فرض عين على كل قادر من الإخوة في الأردن وغيرها حتى لو لم تكن غزة محاصَرَة والمقاومة تُستنزَف كل يوم وحين، وذلك لأن الجهاد الآن فرض عين على كل قادر، والإخوة في الأردن قادرون على ذلك لو أرادوا القيام به، لأن رعايا الاحتلال الصهيوني يتخذون من الأردن مرتعًا ومتنفسًا للتجارة والتنزه، والإخوة قادرون على ضربهم وملاحقتهم أثناء قيامهم بذلك، وهذا سيجعلهم يفقدون أمنهم ومأمنهم ويفقدون الأمل من أن تكون الأردن حصن حصين يأمنون جانبها حين اضطراب المنطقة، وهذا له تأثير معنوي ايجابي مهم على نفسيات المجاهدين، وله تأثير معنوي سلبي على الصهاينة، وهنا سيكون مردود النصرة والمؤازرة المعنوية والميدانية لفلسطين وإسلاميتها بالدور الأول.

أعجب كل العجب من الذين انشغلوا بكتابة عشرات الكتب والفتاوى بدعوى التصحيح العقائدي والفكري لأهل غزة والقائمين عليها، حيث أن كثيرًا من هذه الكتابات والفتاوى كانت تحمل في طياتها الغلو في التكفير والاستعلاء على الآخرين فتسببت بإحداث كثير من المشاكل والمشاحنات بين الإخوة، فهل هذا كان متعمدًا أم هم الغلاة وتوابع كتاباتهم !؟ نعم أعجب  لذلك لأنهم اليوم ومع اشتداد المحنة  لا يحركون ساكنًا تجاه ما تعانيه غزة من ضيق وحصار، وكأن الأمر لا يعنيهم ! فهل هم مُستخدمون لفعل ذلك !؟ أم أن منهجهم يأمرهم بأن يكونوا مراقبين على الأمة ومحاسِبين لها على أقوالها وأفعالها، أما هم فلا حسيب عليهم ولا رقيب !!؟ ويبقى السؤال قائمًا: لماذا لم يتحرك هؤلاء الشيوخ وطلابهم  لضرب رعايا الاحتلال الصهيوني في بلادهم !؟ نصرة لدينهم ولأهلهم في فلسطين.
متى سيتحركون لنصرة القضية الفلسطينية وإسلاميتها ومقدساتها !؟ مع العلم أن القدس ملاصقة لديارهم ! ربما يقول قائل: وما يدريك لعلهم ساعدوا أو يساعدون بتوفير بعض الأموال للإخوة في فلسطين ؟ أجيبه بأن هذا ليس كافيًا وأن المطلوب منهم هو العمل العسكري لأنه هو مَطلب المرحلة.
 ألم يعلموا أن من الواجب الشرعي عليهم أن ينصروا فلسطين وأهلها !!؟ ألا يحرِّكهم ويحرِّضهم ويخوِّفهم قول الله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌإِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".
ألم يسمعوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ المُؤْمِنينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمهمْ وَتَعَاطُفِهمْ ، مَثَلُ الجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ والحُمَّى" وقوله: "الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ  دِمَاؤُهُمْ، ويَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ" وقوله: "المُؤْمِنُ للْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضَاً" !!؟

أخيرًا: لا أظنها غابت عنكم سنة النبي صلى الله عليه وسلم بتعامله في مثل هذه الأحوال !؟ فمن المؤكد أنكم سمعتم وتعلمتم وعلمتم وكتبتم كثيرًا عن ذلك، ولكنكم رضيتم بالقعود وتركتم أهلكم في فلسطين يعانون الأمرين وأنتم تتفرجون ولا تقدمون لهم سوى الانتقادات وما ينغّص عليهم حياتهم ويثير المشاكل بين شبابهم، وكان الأجدر بكم أن تحملوا السلاح للجهاد في سبيل الله، نصرة لدينكم وأهلكم في فلسطين، وأن تتقدموا حيث يسرح ويمرح ويرتع الصهاينة حولكم وتذيقونهم الويلات التي يذيقونها للمسلمين في فلسطين، فإن من النقيصة في حقكم أن يسرح ويمرح الصهاينة  في دياركم و شوارعكم أمام أعينكم  وأنتم تتجاهلون ذلك وكأن الأمر لا يعنيكم ! إذن لماذا كنتم ولازلتم تحرضون الشباب على الجهاد في سوريا وغيرها، ولا تقومون بالجهاد أنتم بأنفسكم !؟، قال الله تعالى:" أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ".
 أما الهدي النبوي في مثل هذا الواقع، فهو كما ثبت عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَأَجْوَدَ النَّاسِ وَأَشْجَعَ النَّاسِ وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ النَّاسُ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ يَقُولُ :" لَنْ تُرَاعُوا لَنْ تُرَاعُوا " وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ، فِي عُنُقِهِ سَيْفٌ، فَقَالَ:" لَقَدْ وَجَدْتُهُ بَحْرًا أَوْ إِنَّهُ لَبَحْرٌ". الشاهد هنا: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجاهد بنفسه ويقتحم المخاطر بسيفه وهو مستعد لأي مواجهة، ولم يكن يكلف الصحابة رضوان الله عليهم بذلك ويحرّضهم دون أن يكون معهم . بل كان هو أولهم وكان يسبقهم في مواجهة المخاطر.
هذا هو المطلوب منكم الآن، أن تشهد أفعالكم على صدق كتاباتكم وأقوالكم، وإلا كانت مجرد تسالي ومضيعة للوقت أو للتنفيس عن النفس أو لحب الظهور والشهرة، وليس المقصود منها النصرة والمؤازرة كما يتطلبه الحال، فمعلوم أن من أراد أن ينصر قضية فإنه ينصرها بما تحتاجه هي لا بما يحلو له هو أن ينصرها به.
 والله ولي التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل
كتبه: الباحث في الشؤون الشرعية والسياسية
تيسير محمد تربان، أبو عبد الله
فلسطين . غزة

30-10-2017م

إرسال تعليق

 
Top