الحمد
لله القائل :"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ و
أَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ
وَالْحِجَارَةُ.. "
وصلى
الله وسلم وبارك على قدوتنا وسيدنا محمد القائل: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن
رعيته فالإمام راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته والرجل في أهله راعٍ وهو مسؤولٌ عن رعيته
والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها ..إلخ ."
وبعد
توطئة
من
المعلوم أن أهم مرحلة للتربية هي مرحلة الطفولة الأولى ولذلك كان صلى الله عليه
وسلم يهتم بالتربية منذ اللحظة الأولى والتي تبدأ بالدعاء بالتوفيق والبركة، وكان يعلمنا
ذلك؛ ففي صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها "أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان يؤتى بالصبيان فيبرّك عليهم ويحنّكهم".
وكذلك
فإن التربية في الصغر تبقى مع الإنسان إلى أن يتوفاه الله، فإن كانت تربيته صالحة
انصلح حاله وكان صالحًا مصلِحًا في أمته.
وهنا
أعود وأؤكد أن التربية الحسنة تبقى ضرورة ملحة وعامل أساسي في صلاح الابن وإصلاحه.
الأثر الطيب للجود والكرم سابقًا في الهداية والصلاح لاحقًا
وكذلك
فإن حُسن الخلق وصلة الرحم واحترام الآخرين له وقع مهم في القلب وأثر طيب في النفس
حيث يأخذن بالشخص إلى حيث الهداية الربانية وزيادة الصلاح والإصلاح الاجتماعي، فمن
كان ذو خصال طيبة قبل إسلامه فإن إسلامه سيزيد تلك الخصال وينميها أضعافًا مضاعفة،
كما روى مسلم وغيره من حديث حكيم بن حزام، أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي رسول
الله أرأيت أمورًا كنت أتحنث بها في الجاهلية، من صدقة، أو عتاقة، أو صلة رحم،
أفيها أجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسلمت على ما أسلفت من
خير". والتحنث: التعبد.
أي
أن خصال الخير التي اكتسبها قبل إسلام الشخص ستبقى معه بل و ستزيد بعد إسلامه
أهمية
تعليم الاطفال على الطاعات وإبعادهم عن المنكرات
وكذلك
يجب تدريب الأطفال وتعليمهم على الطاعات والآداب وأعمال البر، والبعد عن المنكرات
واجتنابها، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: معلِّمًا ومربيًا لعمر بن أبي سلمة وهو صغير "يا غلام سَمِّ
الله وكل بيمينك وكل مما يليك"، وفي نفس السياق ما رواه أبو هريرة حيث قال:
"أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "كخ كخ، ارم بها،
أما علمت أنا لا نأكل الصدقة ؟". رواه البخاري و مسلم
أمر الأبناء بالصلاة منذ الصغر بالرغم من أنهم غير مكلفين والصبر عليهم
فهذا
صلى الله عليه وسلم يعلمنا ويأمرنا بقوله: " مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم
أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع". رواه
أبو داود وغيره.
وهنا نلاحظ أنه ما بين الأمر المجرد إلى الأمر
المقرون بالضرب ثلاث سنوات، وهي كافية على متابعة الطفل وتعليمه وترغيبه بكل سهولة
ويسر، ثلاث سنوات وأنت تتعامل معه فيها بالتشجيع والترغيب والترهيب حسب طاقته،
وهنا فائدة على أن التربية تحتاج إلى الصبر والتأني، فإذا كان الإرشاد النبوي
بالصبر على الطفل لمدة ثلاث سنوات متواصلة حتى يتعلم فيها ويعتاد على الصلاة، فإن
غير الصلاة من لوازم الحياة تحتاج كذلك وقتًا كافيًا للتعلم والتَعوُّد عليها،
وهنا نقول: أن لكل مسألة وقتها المناسب لها مع مراعاة الصبر والتأني على الأطفال.
تأثير الصحبة السيئة على التربية الحسنة
لاشك
أن الصحبة السيئة مصيبة يُبتلى بها الإنسان، فإنه ومهما كانت تربيته حسنة صالحة
فإن الصحبة السيئة ستفسدها مع الأيام وتجعلها سيئة طالحة، ولذا فإن من خالط أصحاب
السوء أفسدوا عليه دينه ودنياه وأصبح فاسدًا مفسدًا.
فمن
الناس من يهتم به والديه أيما اهتمام ويربونه أحسن تربية، ولكنه وبعد أن يشتد عوده
تراه يرافق أصحاب السوء فيُفسِدونه ويفسدون حياته، فيصبح من فريق الطالحين
الفاسدين.
ولذا لابد أن يركّز الوالدان لأبنائهم على توضيح
أهمية الصحبة الصالحة، بل ويتابعان أبناءهما وعلاقاتهم مع الآخرين ومع من هي وكيف
..إلخ، وكذلك فإن السيء الطالح ينصلح حاله لو التقى بالصحبة الحسنة الصالحة ونوى
الخير والصلاح، فالصحبة تؤثر على الشخص أكثر من تأثير أهله ومدرسته عليه بكثير
جدًا، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المرء على دين خليله، فلينظر
أحدكم من يخالل" رواه أحمد والترمذي وغيرهما.
عن
المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين
بالمقارَن يقتدي
وفي الختام
أسأل
الله تبارك وتعالى أن يبارك لنا في أبنائنا وأن يجعلهم من حفظة كتابه وأحاديث نبيه
العالِمِين العامِلِين بدينه..
وآخر
دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد
كتبه/
الباحث في الشؤون الشرعية والسياسية
تيسير
محمد تربان
أبو
عبد الله
فلسطين
. غزة
19-5-2011
م
إرسال تعليق