قانون برافر والخطر القادم
منذ بدأ الاحتلال الصهيوني باحتلال
فلسطين
وهو يعمل على تهجير أهلها منها والاستيلاء على أراضيهم.
حتى أن صحراء النقب لم تسلم منه ولقد
هجّر ما يقارب الـ90% من أهلها، والآن ينشط لتهجير من تبقى منهم وسلب أراضيهم وتسكينهم
في مناطق محصورة ومحاصَرة ليستقدم مليون صهيوني ويسكنهم في أماكنهم.
اعتمد الصهاينة سياسة القضم المتدرج للسيطرة
على فلسطين، فكانوا كلما أخذوا منطقة تقدموا على التي بعدها حسب خططهم وإمكانياتهم، ولإنجاز
ذلك ميدانيًا اعتمدوا على العصابات الصهيونية لإرهاب الفلسطينيين ليرحلوا عن ديارهم
كما اعتمدوا على ترغيب اليهود لاستجلابهم لفلسطين.
في البداية كانت بريطانيا تقيّد العرب بالقوانين التي لم تكن تُلزم الصهاينة
بشيء يُذكر ولذا كانوا يتوسعون على حساب تلك القوانين، واستمر الحال كذلك حتى
إعلان الدولة الصهيونية على تراب فلسطين، وبعد ذلك بدأ الصهاينة يعتمدون على أنفسهم
بسن قوانين يتحكمون بها بالفلسطينيين ويأخذون أرضهم تدريجيًا.
أقر الصهاينة قانون برافر والذي نص على
تهجير الفسطينيين القاطنين في النقب وتسكينهم في مناطق نائية متفرقة وتسكين مستوطنين
صهاينة بدلًا منهم، وذلك لتلاشي الخطر الذي يخشاه الصهاينة من النقب والذي يتمثل في
عدة أمور أهمها، قلة أعدادهم قياسًا بالفلسطينيين والذين يتكاثرون باستمرار، إضافة إلى المساحات الصحراوية الشاسعة التي لا يوجد فيها
مواقع عسكرية احتلالية للصهاينة كافية لسد عشر معشار مساحتها، ولذا لازالت صحراء
النقب تمثل خاصرة ضعيفة بالنسبة للاحتلال الصهيوني، وذلك بسبب الترابط العقدي و العشائري بين فلسطينيي
النقب ومصريي سيناء
والذين لا يفصل بينهم إلا السياج الحدودي فقط، وهذا يجعل الصهاينة يخشون أيَّ تغير ثوري إقليمي مفاجيء يؤدي إلى التحام أهالي النقب بأبناء عقيدتهم وعشيرتهم
من أهالي سيناء، ومن ثم يشكلون قوة ضاربة تقوم تدريجيًا باقتحام العمق الصهيوني من
خلال حرب عصابات متواصلة تؤدي لتشكيل قوة متمركزة في النقب، ومن ثم تبدأ هذه القوة
تتقدم تدريجيًا على حساب الاحتلال الصهيوني، كما يخشون أن يؤدي ذلك لإيجاد منطقة
آمنة فيها، تتمركز فيها المقاومة الفلسطينية وتنطلق منها إلى العمق الصهيوني.
لذا عمد الصهاينة على تفريغ النقب من الفلسطينيين
وتوطين مليون صهيوني فيه يستقدمونهم من دول العالم تثبيتًا وترسيخًا لمشروعهم الاحتلالي
الغاشم، ولكنهم و كعادتهم لا يندفعون لتنفيذ
الأمور الحساسة المماثلة دفعة واحدة، بل يستخدمون معها أسلوب المد والجزر لامتصاص
غضب الأهالي الفلسطينيين والعمل على تفكيكهم وإحباطهم وتشتيت جهودهم من خلال
مفاوضات هنا ونقاشات هناك وإطالة مدة السيطرة الميدانية على أراضيهم، من خلال
الحواجز والتواجد المستمر والتدريبات العسكرية.
يعتمد الصهاينة في ترسيخ وجودهم في المناطق
التي يحتلونها على أمور عدة أهمها؛ زيادة أعدادهم، والسيطرة على المرتفعات ومناطق التحكم،
ولذا فهم يسعون جاهدين لزيادة
أعدادهم ببناء المناطق السكنية وتحسين أوضاعهم المعيشة في صحراء النقب، لكي
يتمكنوا من إغراء مستوطنيهم لاستجلابهم إليها، ما يسهِّل عملية التمركز العسكري
القوي وانتشاره ليغطي نقاط الضعف في صحراء النقب، وليوفروا قوة دفاعية ذاتية يتمتع
بها مستوطنوهم وليقطعوا أمل الالتقاء بين أهالي سيناء وأهالي النقب في حال أي تغير
قادم على المنطقة.
أخيرًا
لن يستجيب أهالي النقب لهذه القرارات الظالمة وسيواجهونها ما استطاعوا
إلى ذلك سبيلًا، فهذا ما عهدناه على أهلنا في كل بقعة من أرضنا الطاهرة، حتى وإن تمكن الاحتلال من تهجيرهم من ديارهم، فإن
الأيام بيننا والحرب سجال ولنا النصر حتمًا بعون الله وقدرته.
ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبًا
كتبه/ كتبه الباحث في الشؤون الشرعية والسياسية
تيسير محمد تربان
أبو عبد الله
فلسطين . غزة
21-9-2015م
إرسال تعليق