أيهما أخطر إيران أم
إسرائيل ؟
سؤال شاع بين أبناء المسلمين وفي
تقديري هو ناتج عن حالة الضعف والتخبط التي تعيشها الأمة، بسبب عدم تكاتفها وتوحيد
جهودها ضد أعدائها، فلو أن الأمة رصت صفوفها وحملت سلاحها لتدافع عن نفسها وترد
الغزاة المعتدين عليها، لما وصلنا لهذه المرحلة من دخول نقاشات وجدالات حول المقارنة
بين إيران وإسرائيل، إذ أن الدولتين إجراميتين، احتلت كل واحدة منهما أجزاء مهمةً
من أراضي المسلمين، وغيرتا كثيرًا في بلادهم، سواء ذلك التغيير في عقيدتهم
بإجبارهم على تبني غيرها، أو تغيير التركيبة السكانية من خلال طردهم واستجلاب
غيرهم وتوطينهم مكانهم.
ولذا فإن السؤال السابق الذكر خطأ
جسيم يجب استبداله بسؤال واقعي آخر, وهو: متى سنحرر ديارنا من رجس الاحتلال
الصهيوني والإيران ؟
فالاحتلالان كلاهما مرض خبيث تسلل
لجسد الأمة على حين تفرق وغفلة منها، ما أدى لإصابته بالهزل والوهن والفقر والجوع.
وفي مثل هذه النوازل قال ربنا
تعالى:"
وَمَا
لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ
الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا
أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا "
وقال نبينا صلى الله عليه وسلم: "لا
هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، وإذا استُنفرتم فانفروا".
إذن فالواجب علينا نحن معاشر المسلمين
أن نعمل جميعًا على دحر الغزاة المعتدين، وعدم الانشغال بجدليات ليس لها داعي ولا
أي مردود ايجابي، ولكنها تشغل الإخوة وتهدر أوقاتهم في البحث والرد، والرد الآخر،
دون فائدة تُذكر، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم:" إن الله تعالى يحب
معالي الأمور وأشرافها، ويكره سفسافها".
ولذا يجب علينا أن ننشغل بمعالي
الأمور التي ينفع الله بها الإسلام وأهله وترفعنا عنده، وأن نترك إهدار الأوقات في
البحث والجدل مما لا فائدة منه، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم:" أنا زعيم
ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا.
وكما أن إيران وإسرائيل عدوان للأمة
الإسلامية فإن كل دولة اقتحمت بلاد المسلمين واحتلتها فهي عدوة للمسلمين كذلك وعلى
رأس كل هؤلاء الولايات المتحدة الأمريكية دولة الجرام والإرهاب.
وإنني والله أستغرب كثيرا من أبناء
الإسلام العظيم الذين يشغلون أنفسهم بما يروجه ويطبل له الإعلام من سفاسف الأمور
ويتركون العدو يصول ويجول في بلاد المسلمين يحتل هذه ويفسد تلك حتى أنه بات يشرف
على المناهج المدرسة التي يتم تعليمها لأبناء المسلمين حتى وصل به الحال لحذف آيات
من كتاب الله تعالى من المناهج وتثبيت غيرها من المناهج والأفكار السامة.
لا جنة بدون جهاد الأعداء، خصوصًا حين
يعتدون على بلاد المسلمين، وهذا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لبشير ابن
الخصاصية رضي الله عنه، كما جاء في الحديث أنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم لأبايعة على الإسلام، فاشترط علي: تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله
وتصلي الخمس، وتصوم رمضان وتؤدي الزكاة وتحج البيت وتجاهد في سبيل الله. قال: قلت:
يا رسول الله, أما اثنتان فلا أطيقهما، أما الزكاة فما لي
إلا عشر" ذود"- أي: عشر رؤوس من الإبل- هن رسلُ أهلي
وحمولتهم، وأما الجهاد فيزعمون أنه من ولي - أي هرب من المعركة- فقد باء بغضب من
الله، فأخاف إذا حضرني قتال كرهت الموت وخشعت نفسي. قال: فقبض رسول الله صلى الله
عليه وسلم يده ثم حركها، ثم قال: "لا صدقة ولا جهاد فبم تدخل الجنة !؟" قال
بشير: ثم قلت يا رسول الله، أبايعك، فبايعني عليهن كلهن".
وأخيرا: اعلم أخي الحبيب: أن الجهاد
اليوم واجب عليك كالصلاة والصيام ولا يجوز لك أن تتركه أو تتأخر عنه أبدا، واعلم
أن من خذل مسلما خذله فإياك أن تخذل المسلمين وتجلس مكتوف الأيدي وكأن ما يقع
عليهم من مظالم ومجازر واعتداءات لا يعنيك، واعلم أنك مخاطب بل ومأمور بقول الله
تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ
انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ
بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً
أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".
والله من وراء القصد
كتبه: الباحث في الشؤون الشرعية
والسياسية
تيسير محمد تربان
أبو عبد الله . فلسطين
25 -9-2017 م
إرسال تعليق